شهد عام 2023 جهودًا مكثفة من مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لتفعيل دور قادة الأديان في مواجهة القضايا والتحديات العالمية، والإسهام في إيجاد الحلول الفاعلة والملموسة لها، خاصة قضية المناخ، في ظل ما يشهده العالم من التداعيات السلبية لأزمة التغيرات المناخية، التي أصبحت تهدد الحياة على سطح كوكب الأرض.
وتزامنًا مع استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية؛ بشأن تغير المناخ COP28، عمل مجلس حكماء المسلمين على تعزيز دور قادة الأديان في مواجهة هذا التحدي الوجودي؛ حيث أكَّد الاجتماع الأول للجنة المشتركة للحوار بين مجلس حكماء المسلمين ودائرة الحوار بين الأديان بالفاتيكان، أهمية دور قادة الأديان وجهودهم في مواجهة التأثيرات السلبية للمناخ، كما دعا إلى إشراك المرجعيات والمؤسسات الدينية والاستفادة من الحوار بين الأديان والثقافات لدعم العمل المناخي الدولي.
كما شَهِدَ عام ٢٠٢٣ تحركًا دوؤبًا، شرقًا وغربًا، لحشد أصوات القادة الدينيين في مواجهة قضية المناخ؛ حيث أجرى الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين سعادة المستشار محمد عبد السلام، عدة زيارات إلى العاصمة الإيطالية روما، التقى خلالها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، لبحث إطلاق مبادرة لتفعيل دور قادة الأديان في مواجهة التحديات المناخية، وتوحيد جهود قادة الأديان من مختلف الطوائف والمذاهب لتحقيق العدالة المناخية وإرساء قيم المسؤولية الأخلاقية للحفاظ على كوكب الأرض بيت البشرية المشترك.
كما بعث 50 شابًّا وشابة من 24 دولة المشاركين في النسخة الثانية من منتدى شباب صناع السلام؛ التي نظمها مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع مجلس الكنائس العالمي ومؤسسة روز كاسبل، برسالة أمل إلى رئاسة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف COP28، كما قاموا بغرس شجرة زيتون، ووجهوا دعوة لصنَّاع السلام البيئي من أجل العمل على حماية الحياة ومواردها الطبيعية على سطح كوكب الأرض.
وتمهيدًا لانطلاق جناح الأديان في نهاية العام الماضي الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف، وقَّع مجلس حكماء المسلمين مذكرة تفاهم مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 التي هدفت إلى تعزيز التعاون المشترك في مجال مواجهة تغير المناخ، وتوثيق الجهود بشأن دور قادة الأديان ورموزها في تعزيز الاستدامة البيئية.
وفي إندونيسيا، نظم مجلس حكماء المسلمين مؤتمر الأديان والتغير المناخي في جنوب شرق آسيا، التي استضافته العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وحضره ما يقرب من 150 من ممثلي الأديان المختلفة في منطقة جنوب شرق آسيا، إلى جانب علماء ومفكرين وشباب مهتمين بقضايا تغير المناخ؛ حيث بعث المشاركون رسالة دعم وأمل إلى القمة العالمية لقادة الأديان من أجل المناخ و COP28 تدعوهما إلى ضرورة العمل على التوصل لنتائج إيجابية تُسهم في تحقيق إيجاد حلول فاعلة لقضية التغير المناخي من أجل مستقبل أفضل للإنسانية.
وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، نظَّم مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 ووزارة التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، القمة العالمية لقادة الأديان ورموزها من أجل المناخ، حضرها ممثلون عن 18 ديانة و30 مذهبًا وطائفة من مختلف أنحاء العالم، إلى جانب علماء وأكاديميين وخبراء في البيئة، وممثلين عن المجتمع، بما في ذلك الشباب والنساء والشعوب الأصلية.
وقد توجت هذه القمة بإصدار "نداء الضمير: بيان أبوظبي المشترك من أجل المناخ" الذي وقَّع عليه فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية إلى جانب 28 من قادة الأديان ورموزها؛ حيث دعا البيان إلى ضرورة اتخاذ إجراءات فاعلة وملموسة لمواجهة الأزمة المناخية والحفاظ على كوكب الأرض.
واختتم مجلس حكماء المسلمين عمله الدؤوب وحِراكه المتواصل خلال عام ٢٠٢٣ لتفعيل مشاركة قادة الأديان ورموزها في العمل المناخي العالمي، وإيجاد حلول مبتكرة تعالج قضية المناخ، بتنظيم جناح الأديان في مؤتمر الأطرافCOP28، وذلك لأول مرة في تاريخ مؤتمرات الأطراف، بالتعاون مع كلٍّ رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 ووزارة التسامح والتعايش في دولة الإمارات العربية المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، واستضاف الجناح أكبر من 65 جلسة حوارية، حاضر فيها نحو 700 مشارك من مختلف أنحاء العالم، كما وفَّر منصة عالمية للمناقشة والحوار بين الأديان من أجل اتخاذ إجراءات طموحة وفعَّالة تعزز العدالة البيئية وتحافظ على البيئة للأجيال الحالية والقادمة.