خلال مشاركته في قمَّة المستقبل حول الاقتصاد التضامني للتَّنمية المتكاملة والمستدامة..
الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين: الحديث عن المستقبل سيظلُّ مرهونًا باستعادة الأمل والثقة في قدرة المجتمع الدولي علي تحقيق السِّلم والعدالة الإنسانية
المستشار محمد عبد السلام: مجلس حكماء المسلمين لديه تجربة ناجحة في إشراك صوت الأديان في مواجهة التَّحديات العالمية المختلفة
الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين: يجب إتاحة دور أكبر للقيادات المجتمعية والرموز الدينيَّة لتعزيز فرص إنهاء الصراعات والنزاعات حول العالم
أكَّد الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، سعادة المستشار محمد عبد السلام، أنَّ التحديات التي تواجه العالم لا تقتصر على الاقتصاد والبيئة والتكنولوجيا، بل تمتدُّ إلى جوانب أخرى من الحياة الإنسانية، بما في ذلك الحروب والنزاعات التي تشهدها العديد من مناطق العالم، مشيرًا إلى أنَّ هناك حاجةً ملحَّةً لإتاحة دور أكبر للقيادات المجتمعية، والرموز الدينية لتعزيز فُرصِ إنهاء هذه الصراعات.
وقال الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، خلال كلمته بقمة المستقبل حول الاقتصاد التضامني للتنمية المتكاملة والمستدامة.. "الحرب والسلام"، التي عقدتها الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية، إنَّ العالم يعيشُ في مأزق بين التطلع نحو مستقبل مزدهر وبين الواقع المؤلم الذي يعصف بحياة الآلاف من البشر وبمستقبل بلدان كاملة خاصةً ما يحدث بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة الذين يعانون من أوضاع إنسانية صعبة، في ظلِّ عجز عالمي كامل عن إنقاذِهم.
وأشار سعادته إلى أنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعت في الرابع من فبراير عام 2019 في العاصمة الإماراتية أبوظبي استمدَّت أهميتها من كونها مبادرة بين شخصيتين عالميتين في موقع القيادة الدينية لأكبر عقيدتين سماويتين، وهما فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، قائلًا: "نحن اليوم حين نفكِّر في مستقبل السلام في عالمنا، لا نؤكد على راهنية تلك الوثيقة التاريخية فحسب، بل نفكر في كيفية استثمار مبادئها التي نصَّت على أنَّ الأزمات السياسية الطاحنة، والظلم وافتقاد عدالة التوزيع للثروات الطبيعية قد أنتج وينتج أزمات قاتلة تشهدها كثير من الدول، كما نتساءل عن الكيفية التي تُبقي جذوة الإيمان بأي أمل في السلام من خلال الحوار والتعايش والأخوة الإنسانية لدى ملايين من ضحايا الحروب، خاصة أولئك الذين يرون تلك القيم المعلنة وقد عجزت عن حمايتهم من الحرب والعدوان".
وأوضح الأمين العام أن مجلس حكماء المسلمين وهو المؤسسة الدولية المستقلة التي تجمع نخبة من علماء الأمة وحكمائها من حول العالم، وتعمل على بناء السِّلم داخل المجتمعات الإسلامية، وفيما بينها وبين غيرها من المجتمعات الأخرى، تدرك أن العلاقات المتحولة بما في ذلك علاقات العنف والسِّلم، أو الحرب والسلام تحتاج إلى فَهْمٍ متعدد المستويات، يستحضر واقع تلك الحروب، وتحدياتها الكامنة في ميادين الوعي، والمصالح الاقتصادية والعلاقات بين المجتمعات والدول، فضلًا عن فَهْمِ مصادر العنف الذي يُصنع داخل المؤسسات العامة، بفعلِ تغذيةٍ متواصلةٍ، تتخذ أشكالًا شعبويةً خطيرةً من العنف الإعلامي والشعبوي في مواجهة دين أو ثقافة أو عرق أو قومية، مشيرًا إلى أن دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غويتريش، لعقد قمة المستقبل في شهر سبتمبر المقبل هي دعوة جادة وصادقة جاءت قبل أن تتصاعد وتيرة الحروب والصراعات بهذا الشكل المخيف التي هي عليه اليوم، مما يجعل من انعقاد هذه القمة في الوقت الحاضر تحديًا جديدًا ليس فقط لوضع خارطة طريق للمستقبل، ولكن لاستعادة الأمل في قدرة الإنسان على التخطيط لمستقبل أفضل لا يستثني أحدًا من البشر ولا مكانًا في هذا العالم.
ولفت المستشار محمد عبد السلام إلى أنَّ الحديث عن المستقبل سيظل مرهونًا باستعادة الأمل والثقة في تحقيق السِّلمِ ومعالجة الجرح الغائر والشرخ الإنساني الذي تخلفه الحروب والصراعات، مؤكدًا أن فشل المجتمع الدولي في إيجاد آلية مشتركة وعادلة لإنهاء الصراعات الدامية، لن يستقيم معه أبدًا أي استدامة في أي خطط لمستقبل أفضل للبشرية التي تشهد تضاربًا مستمرًّا بين طموحاتها لمستقبل أفضل وبين واقع يملأه الصراع والدمار، مشيرًا إلى أن هذا الواقع لا يجب أن يثني الجميع عن مواصلة جهوده لصنع السلام، وبحث سبل إنهاء الصراعات، وخلق آلية دولية جادة وجديدة لهذا الهدف بالتزامن مع الاستمرار في جهود التخطيط للمستقبل وبحث التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية جمعاء.
وأوضح الأمين العام أهميَّة تعزيز حوار الأديان والحضارات حول قضايا التضامن والتنمية المستدامة في مواجهة مظاهر الحرب وتحقيق السلام، مشيرًا إلى أن مجلس حكماء المسلمين لديه تجربة ناجحة في إشراك صوت الأديان في مواجهة التحديات العالمية المختلفة خاصة قضية تغير المناخ من خلال تنظيم قمة قادة الأديان ورموزها لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، التي صدر عنها "نداء الضمير" وهو نداء أبوظبي المشترك بين الأديان الذي وقَّعه ثلاثون من قادة الأديان ورموزها المختلفة في العالم ويحدد خطوات عملية وفعَّالة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي، وأعقبها انعقاد جناح الأديان الأول من نوعه في تاريخ مؤتمرات الأطراف الذي نظَّمه المجلس بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 وبرنامج الأمم المتَّحدة للبيئة، ووزارة التسامح والتعايش في دولة الإمارات، الذي هدف إلى إشراك العلماء والقادة الدينيين في مناقشة الحلول المبتكرة والفعالة لمعالجة هذه الأزمة الحيوية.
جديرٌ بالذكر أن قمة المستقبل حول الاقتصاد التضامني للتنمية المتكاملة والمستدامة.. الحرب والسلام، نظَّمتها الأكاديمية البابويَّة للعلوم الاجتماعية بالتعاون مع شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، يومي 4 و5 مارس الجاري في العاصمة الإيطالية روما، وناقشت المبادئ الأخلاقية والإصلاحات المحددة لقضايا التنمية المستدامة وتمويل التنمية، والسلام والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار، بالإضافة إلى الشباب والأجيال القادمة؛ والحوكمة العالمية.